فحــــــــــولة
كان طلال في العشرين من عمره عندما بدأ يحلم بالهجرة الي دول الغرب فالحال في بلاده قد اذداد سوءا علي سوءاته الكثيره (السياسيون أغلقوا علينا كل منافذ الحياة الكريمة بكل أنانية) هكذا صرخ طلال في وجه صديقه اللدود عثمان والمعارض أصلا لفكرة الأغتراب عن الوطن مهما كانت الأسباب وبدأ الشجار الكلامي بينهما من جديد فكثيرا ما تناقشوا في الجامعة عبر أركان النقاش السياسية في فورة الشباب
وعندما يجتمعا في ركن من أركان النقاش في الجامعة ، كانت الدنيا تفور وتغلي ومنهما تنطلق شرارة المظاهرات الطلابية داخل الجامعة وتتطور فيضيق فناء الجامعة بها لتتمدد الي خارجها فينضم اليها الكماسرة ومازحي الأحذية والعطالة وكل مغبون من الساسة وكل امعة رأي الناس يفعلون ففعل وانصهر داخل المظاهرة. سيارات كسرت وهشم زجاجها وممتلكات تعرضت للتلف البليغ وكانت سانحة مجانية تقدمها المظاهرة للصوص المتاجر فغنموا كثيرا وأواني ستات الشاي تبعثرت وكل قوت بائعات الفول المدمس صارت تحت الأرجل .
الشرطة تطوق المظاهرة من كل حدب وصوب بالسياط والقنابل المسيلة للدموع ، هتافات هنا وهناك والبنات بيض الوجوه تلونت وجوههن بكل ألوان الطيف وهن يغسلن وجوههن بالماء لابطال مفعول مسيل الدموع ، والكثيرون الآن أصبحوا داخل حراسات أقسام البوليس وبالطبع كان طلال واحدا منهم . منذ تخرجه طرق كل أبواب السفارات الغربية في بلاده ولم يفلح في أي مرة لنيل تأشيرة دخول لبلد ما . فهو تارة أمام السفارة الفرنسية وتارة أمام الهولندية فالايطالية والأمريكية برغم الخلاف السياسي الحاد بين الأخيرة ووطنه ولكن كل محاولاته باءت بالفشل الزريع.
جاءه صديقه عثمان في يوم من أيام التذكر ليريحه من عناء البحث واللهث اليومي وراء أبواب السفارات الأجنبية و؟؟؟؟لكنها فرصة للسفر والعمل في دولة خليجية وكعادته مع صديقه اللدود لم يوافق طلال في بادئ الأمر الا من بعد لأي وعناد كبيرين . في المطار استقبله أحد الآسيويين حاملا ورقة بيضاء كبيرة مكتوب عليها وبالخط الكبير مستر تلال يو آر ويلكم. صافح مستقبله بابتسامة فاترة لأن حدثه أظهر له عدم الأرتياح لمستقبله من شاكلته الدميمة القبيحة الموحية للشر وبعض التلميحات لتفاصيل تبدو غريبة عن هذا الآسيوي قصير القامة مفتول العضلات دميم الوجه .السيارة تجوب شوارع العاصمة الخليجية الواسعة النظيفة المحلاة علي جنباتها بالخضرة والأزهار هنا وهناك وبنايات شاهقات من الزجاج الملون وسيارات لم يشاهد مثيلا لها من قبل والناس نظييفن وأناقتهم لم يرها الا عبر التلفاز .
ما هذا يا تري أين أنا أفي احدي الجنان أم تراني أحلم . فرك عينيه طاردا خيال الأحلام ليقنع نفسه بأن ما تراه عينيه حقيقة ماثلة. السيارة تدلف الي مبني كبير وواسع ذو أسوار عالية عبر أبواب تفتح أتوماتيكيا وتعبر السيارة فناءا واسعا شاسعا يماثل في حجمه مدينته التي منها أتي ، والحدائق منمقة ومرصوفة علي جنبات الطريق . ما هذا المكان ؟ سأل مستقبله ومقله لمكان عمله الجديد . (هدا سديق قسر سمو أميره هدا انت هنا في شغلو جديدا). أي المطارات أتت بك الي هذي الدنا وأي الدروب سلكت أيا هذا الشقي قم من خيالاتك الحمقي وأستقم فالأمر جد .
هكذا خاطب نفسه فاعتدل في جلسته كما الواثق من نفسه وكأن لا أحد في الدنيا هذه غيره . دلف الي غرفته الفرهة الكبيرة الواسعة وهي تضاهي في حجمها صالون العمدة الطاهر في مدينته التي منها أتي بيد أنها تختلف اختلافات واسعة جدا من حيث النظافة والأثاثات الحديثة وكل أجهزة الرفاهية .
بدأ طلال رحلة التعرف علي المكان كله واحتاج الأمر الي أسبوعين كاملين ليتمم زيارة كل شبر في هذا القصر المنيف القصر المدينة هكذا هي أوامر سمو الأميرة مخدمته الجديدة وقبل اتمام الشهر الأول أوصل له الآسيوي مظروفا ضخما ممتلأ بآلاف الدولارات ، ماهذا؟ (سديق ده أوامر سمو أميره انت في فلوس ماما بابا بزوره في سودان انت لازم في فلوس ) ايه منك أيتها الدنيا الغريبة هذه مجرد امرأة وقبل أن اتم الشهر تعطني آلاف الدولارات لأوصلها لأبي وأمي وأخوتي الصغار وهم في غمرة همومهم وفقرهم ، مجرد امرأة ، وهناك ! كل سياسيو بلادي بنفاقهم وافكهم ولصوصيتهم وأنانيتهم يسرقونك جهارا نهارا وبالقانون الذي سطروه لحمايتة سرقاتهم المريرة ! يا الهي ما أغبي أن تكون مواطنا يحلم بالاصلاح في وطنه وهنا مجرد امرأة بمليون رجل .
لابد لي من مقابلتها لأشكرها نيابة عن أسرتي و لابد لي من خدمتها بكل تفاني واخلاص وأن انجز لها كل ما تطلبه مني يا تري كيف تكون هذه الأميرة الأميره ؟ أجميلة كما الأميرة ديانا يا تري ؟ صغيرة في عمرها وسط أم كبيرة في العمرولها أبناء و ... ؟ امرأة انسانية كهذه ان كنت نحاتا لنصبت لها تمثالا يمجدها ، لالالا تريث ما هذه الخفة ؟ . هكذا كان طلال يحادث نفسه وهو مأخوذ بدهشته لهذه الحياة الجديدة. نصف العام مر و لم يقم بأي عمل سوي الأكل والرياضة ومشاهدة كل قنوات العالم والنوم والاتصال بأهله في وطنه وبالمجان و....... ولم يشاهد أميرته حتي اللحظة. ثم ماذا بعد كل هذا ؟ المال كثير وفير وبلا مجهود ابذله ،أيا تري عرفت الأميرة بحالي وحال أسرتي في وطني وأرتأت الخير فينا ؟! ولكنني لا أقدم أي عمل منذ قدومي الي هنا !! شيء عجيب وغريب جدا .
ثم أين ذاك الدميم القبيح أين اختفي؟! وأين انت أيا فرحي المسافر من دمي والبوح يبوح بكل الأشواق وبعض التمني أن أكونك مزفوفا ببعض زغاريد أمي ؟ هانت وقربت المسافة اليك فاتنتي نصف العام مر وتبقي نصفه الآخر وحينها آخذ اجازتي السنوية حسب العقد وآتيك بالبشارات الأمنيات الجميلة ونسكن الي بعضنا البعض في تحنان ومودة .
نفس طلال تتقاذفها عشرات الأسئلة وزكريات الحبيبة في كل يوم وكل لحظة . وسويداء فؤاده ترفض كل الخطاب الجادين وغير ذلك من أجل فارسها الحبيب طلال الذي به تحلم وترفض كل المقترحات ومحاولات صديقاتها وخالاتها وعماتها ووالدتها بالزواج من أيهم لها أفضل من الانتظار ولكنه الحب وبعض الاباء من أجلك حبيبي انتظر العمر كله .
وطلال ينتظر الآن ولأول مرة أمام مكتبها الفخم فسمووها أرسلت في طلبه ليمثل أمامها ، وجل خائف مندهش متوتر بعض الشي أصلح من حال ربطة عنقه وللمرة العشرين منذ وصوله الي مكتب سمووها . ماهذه الفخامة !!! أوكل هذا داخل هذا المكتب !! لا لا لا لا أظن أنني الآن أحلم ، لا لا انا داخل مكتب سمو الأميرة نعم هكذا أدخلني ذاك الدميم معرفني بأن هذا هو مكتب سمو الأميرة وهي سوف تدلف علي في أي لحظة . وسويداء الفؤاد تمنع ابن عمها من فكرة اقترانه بها وتسائل كثيرا عن سبب مقنع لرفضها المتواصل له ؟ لا عيب فيك يا ابن عمي كل بنات حواء يتمنينك زوجا ، أنا علي علاقة بأحدهم وهو خارج الوطن وأنا انتظره .
وطال انتظار طلال داخل مكتبها ولم تأتي وبعد أكثر من ثلاثة ساعات كانت وكأنها سنين عددا أتاه الآسيوي الدميم وهو يتصبب عرقا من باب داخلي وشرايين رأسه منتفخة وبعض احمرار بان علي عينيه وبعض خربشات ودماء قد سالت من أعلي خده الأيسر !!! سديق سمو أميرة مافي انت في لازم روه بيت في بادين بكره في مقابلة انت سمو اميره يلا جلو جلو . ليل طويل يمر عليه وهو يحدق في اللاشئ وهو جالس بملابسه الداخلية فقط علي أرضية غرفته المغطاة بالمخمل. خبط رقيق علي الباب لم يوقظه من توهانه للمرة الثانية وعند الثالثة أفاق وببلاهة قالها أدخل ربما كومار عامل النظافة أو أحد الأفراد المسئولين عن الطعام قد أتاه بطعامه في الغرفة فهو اليوم لم يصل المطعم لا يهم من بالباب فقط أدخل قالها وهو ما زال في قرفصاءه مشدوها معلقا نظره في اللاشئ .
الباب يفتح برفق وهدوء شديد وكما فتح الآن يغلق ولكن من بالباب أطفأ النور سريعا وأغلق تأمين قفل الباب فقفز قلبه قفزا وانتبه للحدث . من هناك ؟!! لارد والظلام الدامس حال دون معرفته للفاعل . أكيد ذاك الآسيوي الدميم فوجهه وجه شر ونحس أنا لم أرتاح اليه من أول يوم لي في هذه البلاد يا تري ماذا يريد مني ؟ من هناك ؟؟ الا تسمعني ؟ أنر الضوء أيها الغبي .
(يتبع)